لا أحد، سواء كان مستثمراً جريئاً أو ملائكياً ، استثمر في أغلب الشركات الناجحة مثل رون كونواي، هو يعلم كافة تفاصيل صفقات وادي السيلكون، لأنه في أغلب الأحيان يكون هو من رتبها.
وعلى الرغم من ذلك فهو شخص رائع جداً، بل إن وصف "رائع" لا يفيه حقه، فلا أعرف بأنه قد تصرف يومًا ما بطريقة سيئة، تخيل ذلك بالغ الصعوبة.
عندما قدمت لأول مرة إلى وادي السيلكون قلت في نفسي "أنه من الحظ أن يتمتع شخص ما بكل هذا النفوذ ويكون حسن النية" ولكني أدركت بأنه لا وجود للحظ مع رونكو. فبسبب حسن نيته أصبح ذو نفوذ قوي.
فكل الصفقات التي استثمر بها مثل: جوجل، وفيس بوك، أتته عن طريق أشخاص يعرفونه، صفقة تويتر أتته عن طريق إيفان ويليامز نفسه (وهو شريك مؤسس بتويتر)، والسبب في أن الكثيرين يقترحون عليه الصفقات أنه أثبت لمن حوله بأنه شخص حسن النية.
حسن النية لا يعني أن شخصاً ما ذو شخصيه ضعيفه، فأنت لا ترغب في رؤية رون الغاضب، إن غضب عليك فاعلم بأنك فعلت شيئاً خاطئاً، إنه من بقايا العهد القديم، لن يحقد عليك، ولكن سيضربك بعدل.
في كل المجالات توجد مزايا للظهور بمظهر الشخص الطيب. إذ يجعل الآخرين يثقون بك، ولكن في الحقيقة: أن تبدو كشخصٍ جيد أمر يتطلب مجهوداً، و سيكون التظاهر مجهداً للغاية إن لم يكن فعلًا كذلك، في بعض المجالات قد تنجح في الظهور بمظهر الطيب ولكن ذلك غير ممكن في عالم الشركات الناشئة، صحيح أن غالب المستثمرين هم من الحمقى، إلا أن هناك نمطاً واضحاً بينهم وهو أن أكثر المستثمرين نجاحاً هم الأكثر مصداقيه.
لم تكن الأمور كذلك من قبل ، حيث لم تكن لدي الثقة لأقول هذا عن المستثمرين قبل عشرين سنة، ما الذي تغير؟ عالم الشركات الناشئة أصبح أكثر شفافية، وإستعصائاً على التنبؤ هذان العاملان يجعلان من الصعب على أي كان أن يظهر بشكل الطيب دون أن يكون في الحقيقة شخصاً طيباً فمستوى الشفافية مرتفع جداً، فعندما يسيء أحدالمستثمرين لأحد المؤسسين، فإن الأمر يخرج عن سيطرة المستثمر، فليست الصحافة من سيتناقل الخبر، بل المؤسسون أنفسهم، وبذلك يبدأ المستثمر في خسارةالصفقات
أما أثر عدم القدرة على التنبؤ فهو أصعب من سابقه، فهو يزيد من الجهد المطلوب على الذين يتظاهرون بأنهم طيبين وحسني النية. فإن كنت ستصبح ذا وجهين فعليك أن تعرف مع من تكون لطيفًا، ومن الآخر الذي يجب أن تظهر له أخلاقك الوقحة.
فالأمور تتغير بسرعة في عالم الشركات الناشئة بحيث لا يمكنك مجاراتها، فالفتى الجامعي المغمور الذي تتحدث معه اليوم قد يصبح في سنتين المدير التنفيذي لأهم الشركات الناشئة في وادي السيلكون، فإذا لم تستطيع تحديد الشخص الذي تكون لطيفاً معه، فعليك أن تكون لطيفاً مع الجميع، ولا يستطيع فعل ذلك إلا من كان حقاً يمتلك تلك الخصلة، ففي هذا العالم الصغير المتشابك الذي لا تستطيع أن تتنبأ بما قد يحدث، لا يمكنك أن تتظاهر بأنك شخص جيد، دون أن تكون حقاً كذلك
كما هو الحال دائماً مع الرواد، اكتشف رون بطريق الصدفة كيف يكون مستثمر المستقبل، فهو لم يتنبأ بمستقبل الإستثمار في الشركات الناشئة، أو يدرك المصلحة في أن يكون نزيهاً، ولم يجبر نفسه على التصرف بهذه الطريقة، بل أنه إن حاول أن يتصرف بغير هذه الطريقة لما استطاع، لقد كان رون بالفعل يعيش في المستقبل. ولحسن الحظ، المستقبل الذي نتحدث عنه لا يقتصر على عالم الشركات الناشئة، فالشركات الناشئة أكثر شفافية و صعوبة في التنبؤ بمستقبلها من جل الشركات، إلا أن أغلب المجالات حالياً تتجه لهذا النحو.
تحرير ناصر الفراج
مترجم من Paul Graham - The Ronco Principle